مدام الرشوة

عند رفع الستارة ، يظهر الضمير الحي واقفا في ركن من أركان الركح وكل ملامحه تدل على خيبة الأمل والأسى والحزن وعدم الرضا لما يجري.
بعد ذلك يظهر الضمير الميت (شاب غير متزن يقوم بحركات تدل على عدم الاهتمام واللامبالاة ...).
تباغته مدام الرشوة.
-مدام الرشوة: بغيتني ؟راني موجودة في كل مكان وفي كل وقت .امر .آش حب الخاطر؟
- الضمير الميت : شكون انت؟
- مدام الرشوة: أنا؟ ماعرفتنيش؟أنا كلشي كيعرفني.أنا دهن السير يسير.أنا حك جنبك تقضي حاجتك .أنا بلابي ما تكون حتى حاجة. وانت؟ شكون تكون؟
- الضمير الميت : أنا الضمير.
- مدام الرشوة : ألطيف ! ألطيف ! واش جاي تدير فالسكتور ديالي أ خويا ؟
- الضمير الميت : ما تخافيش !
- مدام الرشوة: كيفاش ما نخافش وانت سميتك الضمير؟ وانا ما عندي ما نكره مالضدير !
- الضمير الميت : أنا غيييير ضمير مستتر ، يعني ميت.
- مدام الرشوة : والحي ؟
- الضمير الميت : راه مسيكين وحدو كيتألم. وانتِ آش كديري هنا؟
- مدام الرشوة: أنا عضو نشيط في المجتمع. أنا اللي كنساعد على السرقة،على القتل ،على الظلم،على الزور، ندخّل اللي بغيت للحبس ، و نخرّج اللي بغيت .وحتى على حوادث السير اللي كثرت في بلادنا، الموتى عندنا اكثر ملي ماتو فتونس و مصر واليمن وليبيا و زيد معاهم حتى سوريا مجموعين.أنا كنخلى هداك الرجل اللي كيكون واقف وسط الطريق ،لابس لبسة زرقة وداير كاسكيط على راسو ما كيشوف والو.اللى بغا يحرق الضوء الأحمر من حقو ،واللي بغى يدوبل على اليمين أو على اليسار من حقو ،وحتى الأسبقية كتخضع لمزاج السائق واللي غادي يدفع أكثر.
أما في المستشفيات وفي الادارات وفي المحاكم الخ ،الخ،الخ،الخ،الخ ... فحدث ولا حرج.الاستقبالات كتم بوجودي، والمواعيد بحضوري،والتوقيعات حتى كنتصيف على شكل وريقات ، وريقات ، زريقات ، زريقات.
أما بعض المعلمين والأساتذة - الله يهديهم -طلقو علي مصطلح جديد ، الساعات الاضافية احتراما للمبادئ (كاين اللي سماها الدعم كاع) ، واش عمركم سمعتو ساعات إضافية في قسم التحضيري؟ و زيد ، و زيد ...
- الضمير الميت : ما خليتيش حتى مكان للزبونية والمحسوبية؟
- مدام الرشوة: ما كتفهمش ! هادوك وقتهم محدد، وقت الراحة ديالي .
- الضمير الحي : كفى ! كفى ! آش هاد المنكر؟ آش هاد المنكر؟ فاين قيمنا؟ فاين مبادئنا ؟ فاين احنا ؟ فاين انتما ؟ و انتما، وانتما ؟ و كل من كال أنا ؟
شوارعنا توسخات وتلوثات. مدننا تهمشات. شبابنا يائس.
شيوخنا في عينهم ألف دمعة ودمعة.حازنين وقانطين.
أطفالنا حايرين ، دخلهم الهمّ على بكري.
فين النقا ؟ فين التقى؟ فين الصدق ؟ فين الأمان ؟ فين الحق ؟ وفين ؟ وفين ؟ وفين ؟

حتى لاين ؟ حتى لاين واحنا ساكتين ؟
قوموا نديرو يد في يد ونّقدو البلاد.
قوموا نديرو يد في يد ونّقّيو البلاد.

نردو الأمل للشباب والفرحة للقلوب. قلوب الشيوخ وقلوب الأطفال.

كلنا مسؤولين ، كلنا مسؤولين .
يد واحدة ما تصفق ، يد وحدة ما تصفق .